سرعة الضوء
ذكرنا سابقاً أن سرعة الضوء تبلغ 300 ألف كيلو متر في الثانية الواحدة وهذا يعني أنه يمكن للشعاع الضوئي أن يدور سبع مرات حول الكرة الأرضية في الثانية ولذلك لا نستغرب حين نشاهد في احدى المحطات الفضائية برنامجاً تلفزيونيا ويشاهده في نفس اللحظة اناس اخرون على الطرف الثاني من الكرة الارضية لأن الاشارات اللفزيونية تنتقل بسرعة الضوء (لانها اشعة كهرومغناطيسية مثل الضوء). وبالطبع نحن نسمع صوت الرعد بعد لحظات من رؤية ضوء البرق أو نرى ضوء انفجار قذيفة قبل لحظات من سماع صوتها وهذا يعود إلى الاختلاف الكبير بين سرعة الضوء وسرعة الصوت (تبلغ سرعة الصوت 330 متر في الثانية).
أجرى العلماء العديد من التجارب لقياس سرعة الضوء ووصلوا إلى القيمة التي ذكرناه سابقاً (300 ألف كيلومتر في الثانية) وهذه السرعة الكبيرة للضوء استخدمت في تقدير المسافات الفلكية بين النجوم والمجرات لأنه لا يمكن بأي حال من الاحوال الاعتماد على وحدة المتر ومضاعفاته، ولذلك اذا قرأت في كتب الفلك ستجد ان وحدة قياس المسافة هي السنة الضوئية وهي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة والتي تساوي 9460000000000 كيلومتر. لاحظ هنا أن السنة الضوئية هي وحدة زمن ولكن استخدمت لتقدير المسافة أي أن الزمن بعد يضاف إلى الابعاد الثلاثة x,y,z ولهذا سمي بالبعد الرابع.
الأثير
نعلم أن الصوت ينتقل من خلال موجات اهتزازية تحدث اضطراب في الهواء وبهذا فإن الصوت ينتقل خلال وسط الهواء كما أن الامواج التي يحدثها حجر اسقط في بركة ماء فإن الاضطراب الذي احدثه الحجر ينتقل في صورة امواج اهتزازية خلال جزيئات الماء. الآن ماذا عن الضوء؟ وما هو الوسط الذي ينقله؟ وما هو ذلك الشيئ المكون لأمواج الضوء؟.. هذه اسئلة حيرت العلماء وقادتهم افكارهم إلى افتراض وسط سموه الاثير يملء فراغ الكون وقد اعطى العلماء خصائص للاثير بما يناسب تجاربهم، فالاثير له من الخصائص الكثير فمثلا الاثير يخترق جميع الاجسام والنجوم والكواكب التي تسبح فيه. الاثير ينسحب خلف الاجسام الصلبة وازدادت خصائص الأثير مع كل تجربة لا تتفق نتائجها العملية مع المتوقع من الاثير. بذلك اعتبر العلماء الاثير هو الشيء الثابت والمطلق الذي ينقل الضوء من خلاله وان كل جسم متحرك فهو متحرك بالنسبة للأثير (حتى الضوء) أي أن سرعة الأرض مثلا هي سرعتها بالنسبة للأثير وسرعة الضوء هي سرعته بالنسبة للأثير.
---------
تجربة ميكلسون مورلي
لم يكن العلماء بحاجة إلى تجارب لاثبات فرضية وجود الأثير ولكن تجربة بسيطة تثبت وجود الأثير سيزيد من تثبيت اركان علم الفيزياء. تعتمد فكرة التجربة التي اجراها كلاً من العالمين ميكلسون ومورلي على قياس الفرق في سرعة الضوء بالنسبة للاثير وذلك من خلال جهاز يسير فيه الضوء مسافة معلومة مرة مع تيار الاثير ثم ينعكس على سطح مرآة ويعود ليتداخل مع شعاع ضوئي أخر قد انعكس عن مرآة تبعد نفس المسافة بحيث أن الشعاع الثاني يسير عموديا على اتجاه الاثير. وهذا سوف يحدث تداخل للشعاعين مما ينتج للمشاهد اهداب تداخل عبارة عن مناطق مضيئة ومناطق معتمة تتغير بتغير سرعة الضوء. وباجراء حسابات بسيطة (سيأتي ذكرها بالتفصيل من خلال محاضرات في النظرية النسبية) نجد أن الشعاع الضوئي الموازي للأثير يستغرق زمن اطول لاكمال رحلة الذهاب والاياب من الزمن اللازم للشعاع الذي يسير عمودي على الاثير. هذا الاختلاف يتغير اذا اديرت الطاولة التي تحمل التجربة بحيث يصبح الشعاع الموازي للأثير عموديا والشعاع الذي كان عمودي يصبح موازيا للأثير. ما الفائدة من ذلك؟ توقع العلماء عند دوران التجربة بالنسبة للاثير ان يحدث تغيير في الاهداب المتكونة نتيجة للتداخل بين الشعاعين الضوئيين (للاختلاف في الزمن بينهما) بحيث تحل الهدبة المضيئة مكان الهدبة المعتمة وهكذا..
ان الفارق الزمني لرحلة الذهاب والعودة للشعاعين يعود إلى فرضية أن الضوء ينتقل في وسط الأثير وبالتالي فإن سرعة الضوء سوف تعتمد على سرعة الارض بالنسبة للأثير وعلى اعتبار أن الارض تسير بالنسبة للأثير بسرعة مقدارها 30 كيلو متر في الثانية. وعليه يكون من المتوقع أن تختلف سرعة شعاع الضوء الذي يوازي اتجاه الاثير عن الشعاع العمودي عليه...
كانت نتيجة التجربة على غير المتوقع ولم يحدث تغيير في مواقع أهداب التداخل. واعيدت التجربة مرات عديدة في مناطق مختلفة على الارض وفي اوقات مختلفة ولكن دائما لم يكن هناك تغيير في مواقع الاهداب الذي كان يتوقعه العالمين من نتائج التجربة او العلماء الآخرون الذين حاولوا تكرار التجربة.
هذه النتيجة السلبية (عدم اتفاق النتائج العملية مع النظرية تسمى نتيجة سلبية) صدمت العلماء في صحة نظرياتهم الكلاسيكية وتمسك العلماء بفرضية الاثير وجعلتهم يقولون تارة ان الاثير ولا بد وانه يسير مع الارض وتارة يقولون أن الاجسام تنكمش في اتجاه حركتها خلال الاثير وغيره من الاعتقادات وذلك لرفضهم فكرة فشل فرضية الاثير وكل ما بني عليها لسنوات...
وهنا جاء آينشتين وهو في الخامسة والعشرين من عمره ليبني اسس جديدة للفيزياء سماها النظرية النسبية.....
يتبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق