الجمعة، 15 فبراير 2013

هناك مناسبتان تحمر فيهما شوارع مصر المحروسة

هناك مناسبتان تحمر فيهما شوارع مصر المحروسة.. الأولى عندما يفوز الأهلي وهو أمر طبيعي لا غرابة فيه. والأخرى في عيد الحب.

وأنا لا أرى ضرورة لعيد الحب في الواقع.. كده كده الناس بيحبوا بدون الحاجة إلى تذكيرهم بأن هناك حباً وله عيد.. والأعزب ينوي أن يقضي يوم عيد الحب كأي يوم آخر.. لكنه يفشل في ذلك تماماً حيث إنه يفاجأ باحتفاء غيرعادي بهذا العيد.. ويجد نفسه محاصراً.. فالشوارع حمراء ومحلات الهدايا اكتظت بالبضائع الهايفة التي سيقدمها الأحبة لبعضهم، ومحلات الورود فاتحة على مصارعها.. والكل يتحدث: هاتروح فين في عيد الحب.. هاتجيب إيه هدية النهاردة.. والإعلام.. تجد ندوة في التليفزيون عن عيد الحب، وأغنية لتامر حسني في عيد الحب، وحفل لمحمد فؤاد بمناسبة عيد الحب، وإعلانات لا حصر لها في نجوم إف إم على غرار (جبت هديتك؟ ولا لسه.. إتصل على زيرو تسعمية) كل هذا يصيب العازب بالذنب لأنه لم يشتر هديته بعد 
وكأن عيدا واحدا مش كفاية فاخترعنا عيداً آخر للحب لنصبح الدولة الوحيدة التي بها عيدان للحب.. عيد الحب العالمي وهو ما نشترك فيه مع كل العالم، وعيد الحب المصري الذي نحب فيه وحدنا.

وهدايا عيد الحب عجيبة للغاية، وإن كان الورد أقلها غرابة وقد أسلفنا نظريتنا في الورد، فهناك أيضاً الدباديب.. العديد من الدباديب حتى تشعر أنه غزو من كوكب الدباديب لكوكب الأرض في عيد الحب.. دباديب من كل الأشكال والألوان والأحجام.. والأسعار أيضاً.. فالدبدوب المحترم له ثمن والدبدوب النص نص له ثمن.. المهم إن كله يجيب دباديب.

مرة رأيت فتاة تمشي "بصحبة" دبدوب ما.. نعم بصحبته لأنه كان يقاربها طولاً ، فسألتها
• لو سمحتي يا آنسةi
• نعم؟
• ممكن سؤال
• اتفضل
• بكام دا؟
• دا بـ 450 جنيه.. ليه
 لا ولا حاجة (الله يحرقك ويحرقه)
دبدوب بـ450 جنيه.. ليه.. 
دا لو كان دباً حياً من أدغال أفريقيا لما استحق هذا المبلغ.. ومن الذي يستحق هدية بـ450 جنيه.. وإذا وجد هل من الأفضل أن يكون دبدوباً؟؟، وسرحت وأنا أحول ثمن هذا الدبدوب إلى سندوتشات فول وطعمية.. يااه.. يا له من تبذير وسفه.

ولا أعرف حقيقةً علاقة الدباديب بالحب. فالدب كائن شرس، مخيف الشكل لا يمكن أبداً أن يعرف الحب. والأصل التاريخي الوحيد للدب في تراثنا الشعبي
هو أن (الدبة قتلت صاحبها) طبعاً غير الأغنية الشهيرة (طلعت أدب نزلت أدب.. لقيت الدب بيقزقز لب) وهي تعبر عن حب الدبدوب لقزقزة اللب. وبسؤال أحد الأطباء النفسيين قال إن من يهادي حبيبه دبدوباً فإنه يريد التخلص منه، وذلك بالتمني في عقله الباطن أن يستيقظ الدب ليلاً ويفعل فعلة الدب
الأول ويهوي بحجر على رأس محبوبته.

وقد تبين الآن بعد نظر "مصطفى قمر" في أغنيته الشهيرة (يا ناس أنا دبت في دباديبه) من كثرة ما جاءه من دباديب من المعجبين والمعجبات، أيضاً المصطلح الشعبي الشهير الذي يعبر عن شدة الحب (أنا ميّت في دباديبه) هل لاحظتم السلاسة التي ننطق بها الجملة دون أن نعي خطورة معناها (ميّت – دباديبه) احذروا.. فالدباديب بتموت.. لهذا ينادي البعض بتغيير العبارة إلى (ميّت من دباديبه).

وقد حيرني هذا السؤال كثيراً.. لماذا الإصرار على الدب بالذات ليكون رمزاً وأيقونة للحب؟ لماذا لا نختار الأرنب أو القرد أو الفيل أو حتى الحمار–وهو الأنسب– ما المانع أن نتمرد ونختار رمزاً جديداً ونصدره نحن للعالم على شكل هدايا ودمى وأفلام كارتون وقراطيس لب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق