الأحد، 24 فبراير 2013

الزومبى .. الموتى الاحياء


قبل أن نتكلم يجب أن أكون واضحًا في أن درجات قبولي للأساطير تتباين .. بعضها أقبله أو أقبل أن أكون جاهلاً به .. لكني لا اقبل أبدًا فكرة خروج الموتى من قبورهم قبل الساعة .. هذا ضد كل ما آمنت به .. ربما كان كل ما نتكلم عنه خرافات لكن هذه أقرب الخرافات إلى الخرافة !
قبل أن نتكلم يجب أن أكون واضحًا في أن درجات قبولي للأساطير تتباين .. بعضها أقبله أو أقبل أن أكون جاهلاً به .. لكني لا اقبل أبدًا فكرة خروج الموتى من قبورهم قبل الساعة .. هذا ضد كل ما آمنت به .. ربما كان كل ما نتكلم عنه خرافات لكن هذه أقرب الخرافات إلى الخرافة !

لفظة (زومبي) في حد ذاتها مشتقة من (نزامبي) وهي من آلهة غرب افريقية الوثنية .. كائن يشبه الأفعى ... على أن لفظة زومبي دخلت عدة لغات غربية للدلالة على الشخص فاقد الإرادة والشخصية الذي يأتمر بأمر شخص آخر .. هناك في ساحل أفريقيا الغربي كانت العقيدة الودونية Vodoo تمارس على نطاق واسع خاصة في (داهومي) و(النيجر)....إنها الشعوب التي تتحدث اللغة اليوروبية .. حسن .. إن عقيدة الودونية معقدة جدًا .. هناك نوعان منها .. النوع الذي يمارسه الساحر باليد اليسرى فقط وهو النوع الشرير من هذا السحر .. والنوع الذي يمارس باليد اليمنى وهو (اللوا).. لنقل إنه شبيه بالسحر الأبيض إن كان هناك شيء كهذا .. كاهنة الفودو اسمها (مامبو)... عامة سوف يذكرك الأمر بحفلات الزار في مصر .. هناك صخب وطبول وهناك قرابين تذبح ..

قلت في رعب:
قرابين بشرية ؟

بل حيوانات فقط ... لم يقابل أي من علماء الأنثروبولوجي قرابين بشرية في هذه العقيدة .. لو لاحظت لوجدت أن حفلات الزار تذبح دجاجة تلطخ بها ثياب المرأة موضوع الزار ... هناك الكثير من الرقص وقرع الطبول .. حالة من الهستيريا العامة ثم تنتهي حالة الانجذاب بأن يصرخ احدهم ويفقد وعيه.

ثم نهض ليحضر نموذجًا صغيرًا للكرة الأرضية .. وأشار بقلمه إلى الساحل الغربي لأفريقيا ورسم خطًا عبر المحيط الأطلنطي يتجه إلى الساحل الشرقي لأمريكا .. وقال:
الآن جاءت تجارة العبيد ... طبعًا أول مكان هبط فيه القادمون من أمريكا هو الساحل الغربي لأفريقيا .. لقد اصطادوا بعضًا من هؤلاء البؤساء وحملوهم كالأنعام إلى أمريكا في أقذر تجارة عرفتها البشرية .. هكذا استقر هؤلاء في جزر الهند الغربية .. اول نقطة على الساحل الشرقي لأمريكا.. لم يتخلوا عن ديانتهم .. فقط مزجوها بالكاثوليكية ليتكون هذا الدين الغريب ..

لم نتكلم عن الزومبي بعد ..

حسب المعتقد التاهيتي، يكون الزومبي أناسًا فقدوا وعيهم وذاكرتهم .نتيجة لأن ساحرًا سرق هذه الأشياء. يطلقون عليه اسم (بوكور).. سوف يسلط الساحر تعويذته من ثم يبدو كأن الضحية قد ماتت..
والهدف ؟.. هل يفعل ذلك ليخيفنا فقط ؟


يقال إن الساحر يفعل هذا لغرض في نفسه .. إن الزومبي عمال غير مكلفين يعملون في مزارع الساحر ولا يطلبون سوى بعض الخبز والقليل جدًا من الملح .. أحيانًا يحول الساحر فتاة أرادها وامتنعت عنه إلى زومبي لتكون تحت أمره للأبد..

وكيف يفعل هذا ؟..
يقال أيضًا أنه يجعلها تبتلع مسحوقًا به سم عصبي مستخرج من نوع من السمك. وهذا يخدر الضحية لتصير في حالة أقرب إلى الموت، ويتم دفنها في مقابر هايتي التي تبنى فوق الأرض.. من ثم يسرق الساحر الجسد ويعيد تحريكه ... يقال كذلك إن الساحر يسرق أرواح من ماتوا لأسباب طبيعية .. ذلك بأن يخطف الروح فور مغادرتها الجسد ..

وكيف يخطف الروح ؟؟.. أعني في معتقدهم طبعًا ..
يعتقد الهايتيون أن الروح تتوه لو لم يساعدها الكاهن .. فيظل الجسد خاليًا .. الروح تكون في النهر حتى بستحضرها الكاهن ويضعها في وعاء .. ما يفعله الساحر الشرير هو إنه يركب حصانه بالمقلوب ويتجه إلى بيت الضحية المحتضرة فيمص روحها عبر ثقب الباب، ويضعها في زجاجة ويسدها. ثم يذهب للقبر بعد الدفن ويجعل الجثة تشم الزجاجة فتفيق ..هكذا صارت ملكًا له تأتمر بأمره للأبد .. تمشي وراءه هنا لابد أن يمر أمام بيتها ليتأكد من أنها لم تعد تذكره ... أهل هايتي يسمعون الزومبي عندما يمشون ليلاً ويضعون امام بيوتهم أرغفة الخبز والملح على سبيل التقية كي لا يتعرضوا للأذى ..

هذا مخيف ..!
وهو كلام فارغ أيضًا ..في مصر نطلق على هذه الأمور أحيانا تعبير (هرش مخ) وهو تعبير غير فصيح لكنه معبر جدًا .. هذا لا يمنع من أنها معتقدات شائعة جدًا في (تاهيتي) لدرجة أن عقوبة من يحول آخر إلى زومبي تقترب من جريمة القتل .. هذا كلام مكتوب في كتب القانون..

هل رأى أحد هؤلاء الزومبي ؟.. أعني واحدًا موثوقًا بكلامه ؟

هناك (فيليسيا فليكسي منتور) – أشهر زومبي في التاريخ - التي قيل إنها ماتت منذ ثلاثين عامًا ثم ظهرت جوار بيت اخيها ... كما وصفها (وليام سبروك)..كان هذا عام 1936. وقد وصف عيون الزومبي الجامدة ووجوههم الحجرية المفزعة في كتابه (جزيرة السحر).. حكى كذلك عن خطأ جعل الزومبيين يأكلون بسكويتًا مملحًا فأفاقوا من عبوديتهم وعادوا للقبر ليتحولوا إلى عظام نخرة ... إن هذه هي الحرية الحقيقية بالنسبة لميت ..

تحدث عنهم كذلك (فرانسيس هكسلي) عام 1959.. قال إنهم كانوا يفيقون بعد شرب الماء والملح .. حسن .. لا أستطيع ان افهم كيف حدث هذا لكني أعرف فقط انهم كانوا يخرفون .. أعتقد أن تأثير المظهر المتصلب للزومبي مع هيبة القوم كل هذا أدى إلى اقتناع الملاحظ بأنه يرى ما يراه ..

قلت إن هناك نوعًا آخر من الزومبي ..
نعم .. الزومبي الذين أوجدتهم السينما الأمريكية .. يمكنك أن تقسم تاريخ الزومبي في السينما إلى عصر ما قبل (روميرو) وعصر ما بعده .... قبله كان الزومبي هم بالضبط ما نتكلم عنه في (هايتي).. هناك الكثير من السحر والفودوو ومزارع القصب .. ثم ظهر فيلم (ليلة الموتى الأحياء) فظهر معه الزومبي الذي يمكن أن يكون جارك .. الزومبيون الذين يمشون في الشوارع والمتاجر يشتهون التهام مخ الأحياء ..

سوف نتحدث عن السينما بعد قليل، لكن هل يوجد تفسير علمي لموضوع الزومبي هذا ؟

كانت هناك دراسات علمية رصينة على ثلاثة من هؤلاء الزومبي .. 
*وجدوا أن أحدهم يعاني السكيزوفرنيا CatatonicScheizophrenia .. نوع خاص منها يجعل المرء يتصرف كآلة .. 
*أحدهم كان مصابًا بخلل في دورة المخ .. 
*أما الثالث فقد أودى الكحول الذي تعاطته أمه أثناء الحمل بعقله .. عندما يجول شخص بهذه الحالة يسهل عليك أن تتصور أنه زومبي .. عامة بالنسبة لعلماء النفس والمجتمع هناك زومبي .. لكن هؤلاء العلماء يتحدثون عن الخواء الداخلي للشخص .. هذا شخص يتلقى المؤثرات الحسية جيدًا لكنه غير قادر على استيعابها .. فالسلوك قد يوجد بلا وعي والوعي قد يوجد بلا سلوك ..

وكيف يموت الزومبي ؟
تدميره صعب جدًا .. لاحظ أنه ميت أصلاً.. لكنهم يعتقدون أنه يفنى بالحرق أو إطلاق الرصاص على الرأس ..

نعود لموضوع الزومبي في السينما ..

في البدء عام 1933كان هناك فيلم مهم جدًا هو (الزومبي الأبيض) بطولة (بيلا لوجوزي).. الاسم الذي تجده في كل أفلام الرعب في الثلاثينات .. ثم جاء فيلم مقبض جدًا هو (أنا مشيت مع زومبي) عام 1943 .. كان هناك جو عام من مزارع قصب السكر في هايتي .. وكان تفسير ظاهرة الزومبي هو موضوع العقار السام ..

ننتقل الآن إلى عام 1968 عندما قدم (جورج روميرو) فيلمًا شنيعًا حطم به كل تابوهات السينما هو (ليلة الموتى الأحياء)... القصة بسيطة جدًا حول ان الموتى يغادرون قبورهم ليلتهموا الأحياء .. تحاصر مجموعة من البشر في بيت يذكرنا بحصار الطيور في فيلم هتشكوك الشهير .. ينتهي الفيلم بموت الجميع .. الناجي الوحيد تقتله فرق المقاومة صباحًا لأنه يبدو كزومبي بعد ليلته السوداء !... فكرة الفيلم تدور حول أن المجتمع الأمريكي يلتهم نفسه حرفيًَا .. وهو فيلم قاتم لكن شعبيته لم تتزحزح .. بعد هذا ظهرت اسماء لا نهاية لها مثل (فجر الموتى) و(عودة الموتى الأحياء).. الخ ... كانت مزية الفيلم الأول هي أنه لم يقدم أي تفسير من أي نوع ..! التفسيرات قدمت في الأجزاء التالية (تجارب نووية – فيروس غامض ) وكانت غير مقنعة على الإطلاق .. بعد هذا جاء من يدعى (لوتشيو فولتشي) ليصل إلى أعنف مدى ممكن في أفلام الزومبي .. هذا هو ما يسمونه (الجياللو) أي أشنع أنواع الرعب المعوي على الشاشة .. عامة سمة أفلام الزومبي الإيطالية هي أن الجميع يموت حتى بطل الفيلم نفسه !!. الزومبي يهوون أكل مخ الأحياء وينتزعون قمة رءوسهم لهذا الغرض.. وهكذا ولدت أعنف درجات الرعب الجرافيكي الذي يصرح ولا يلمح ..

بعد هذا استمرت افلام الزومبي .. حتى على مستوى الأفلام الكوميدية لا ننسى فيلم (شون الموتى).. يقولون إن أفلام الزومبي تزدهر في فترات الكساد الاقتصادي والانهيار وزيادة معاناة الطبقات العاملة .. إن الزومبي يرمزون لهذه الطبقات بينما مصاصو الدماء يرمزون لطبقات أعلى ..

انتهت المحادثة فجمعت أوراقي وسألته عن الموضوع الذي يفضل ان يتكلم فيه في المرة القادمة، فترك لي الخيار ..""""

مقال الجانب المظلم من القمر-الزومبى الموتى الاحياء مقال ل دكتور احمد خالد توفيق متخيلا نفسه محاورا دكتور رفعت اسماعيل :)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق